كأس العالم للأندية بنسخته الجديدة: فرصة ذهبية أم عبء لا يُحتمل على اللاعبين؟

تبدو النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية وكأنها حلم يتحقق لعشاق كرة القدم العالمية، لكنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة تُلقي بظلالها على صحة اللاعبين وجدولهم المزدحم بالفعل. حتى نجوم اللعبة، مثل الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم المواهب في تاريخ كرة القدم، يقترب من نقطة الإنهاك مع ضغوط المنافسات الجديدة.

مشاركة ميسي في جميع التزاماته خلال أسبوعين فقط قد تعني خوضه أربع مباريات بين ناديه إنتر ميامي ومنتخب الأرجنتين، إلى جانب سفر مكثف يقدّر بنحو 10 آلاف ميل. وعلى الرغم من مكانته الفريدة، فإن ميسي ليس الوحيد الذي يواجه هذا المسار المرهق.

بعد الإعلان عن توسعة البطولة لاستيعاب 32 فريقًا، بدأ المشهد يأخذ أبعادًا جديدة أكثر تعقيدًا. ففي ظل الزحام الكبير بالمباريات الدولية والأندية، تواجه صحة اللاعبين ضغوطًا هائلة لم تعد قابلة للتجاهل. الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم "فيفبرو" عبّر عن موقفه بخطاب شديد اللهجة، وصف فيه الجدول بأنه يُظهر "تجاهلًا لصحة اللاعبين البدنية والعقلية"، معتبرًا أن هذا العبء تحول إلى أزمة حقيقية.

جدول مزدحم ومنافسات متداخلة

مع انتهاء المواسم الأوروبية في مايو، يبدأ فصل جديد من الإرهاق مع النافذة الدولية التي تسبق انطلاق كأس العالم للأندية. تصفيات كأس العالم 2026 في يونيو تضيف مزيدًا من التعقيدات، حيث تواجه منتخبات كبرى مثل الأرجنتين والبرازيل وهولندا مباريات حاسمة قبل أيام قليلة من بداية البطولة في ميامي بتاريخ 14 يونيو.

لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة؛ فتزامن البطولة مع منافسات أخرى مثل كأس الكونكاكاف الذهبية وبطولة أوروبا تحت 21 عامًا يزيد الأمور سوءًا. اللاعبون قد يضطرون للاختيار بين تمثيل منتخباتهم الوطنية وبين البقاء مع أنديتهم لخوض منافسات كأس العالم للأندية، تاركين المدربين والاتحادات أمام خيارات صعبة ومعضلات قانونية بسبب لوائح الفيفا التي تميل لصالح الأندية.

صدام المصالح بين الأندية والمنتخبات

أحد أبرز أسباب الجدل هو المادة 22.5 بلائحة كأس العالم للأندية، التي تمنح الأندية الحق في منع لاعبيها من المشاركة مع منتخباتهم خارج فترة التوقف الدولية الرسمية. هذا السيناريو قد يحرم العديد من المنتخبات من خدمات نجومها الكبار أو حتى الشباب مثل ريكو لويس (مانشستر سيتي) ومالو غوستو (تشيلسي)، وهو ما يصاعد التوتر بين الأندية والمنتخبات الوطنية.

### المعضلة الأكبر: السفر والإرهاق

لنأخذ ميسي كمثال حي. إذا شارك في جميع التزاماته المقررة، فسيسافر بين ميامي وتشيلي والأرجنتين خلال أسبوعين وسيواجه الأهلي المصري في افتتاحية اللقاءات بكأس العالم للأندية بعد بضعة أيام فقط. المشهد لا يختلف كثيرًا بالنسبة لأسماء كبيرة أخرى مثل فينيسيوس جونيور ورودريغو اللذين ينتقلان بين ثلاث قارات خلال أسبوع واحد.

أما في أوروبا، فاللاعبون الذين ينهون موسمهم مع أنديتهم قد يجدون أنفسهم مباشرة في صراعات الأندية والمنتخبات. مثال ذلك ثنائي إنتر ميلان ماركوس تورام وبنيامين بافار، اللذان سيلعبان نهائي دوري الأبطال قبل الانضمام للمنتخب الفرنسي ثم التوجه للولايات المتحدة لخوض مباريات البطولة.

### بين المصالح المالية وحقوق اللاعبين

لا تغفل الفيفا عن أهمية البطولة اقتصاديًا بالنسبة للأندية والجهات الراعية. الجوائز الضخمة التي تصل قيمتها إلى مليار دولار تُغري الجميع، بدءًا من الأندية الكبرى وصولاً إلى الفرق الأقل شهرة، والفائز قد يُكافأ بجوائز تتجاوز 125 مليون دولار. ومع ذلك، الأزمة الأخلاقية مُلحة هنا؛ صحة اللاعبين على المحك بينما تزداد التحفظات حول ما إذا كانت هذه الأموال تستحق الثمن الذي يدفعه اللاعبون على أرض الملعب وخارجه.

### بين المصالح المالية وحقوق اللاعبين

لا تغفل الفيفا عن أهمية البطولة اقتصاديًا بالنسبة للأندية والجهات الراعية. الجوائز الضخمة التي تصل قيمتها إلى مليار دولار تُغري الجميع، بدءًا من الأندية الكبرى وصولاً إلى الفرق الأقل شهرة، والفائز قد يُكافأ بجوائز تتجاوز 125 مليون دولار. ومع ذلك، الأزمة الأخلاقية مُلحة هنا؛ صحة اللاعبين على المحك بينما تزداد التحفظات حول ما إذا كانت هذه الأموال تستحق الثمن الذي يدفعه اللاعبون على أرض الملعب وخارجه.

ورغم محاولات الفيفا تقديم البطولة كخطوة نحو تعزيز اللعبة عالميًا، فإن الاتهامات بالنفاق والأنانية لا تزال تلاحقها. نقابات اللاعبين في أوروبا تمارس ضغوطًا قانونية مستمرة لوقف انتهاك

وقعت الفيفا اتفاقيات رعاية ضخمة مع أسماء عالمية مثل فيزا، كوكاكولا، هايسنس، وآي بي إنبيف، مما يعزز الشراكات التجارية للبطولات الكبرى. ومع ذلك، لا تزال قضية التأشيرات تمثل تحديًا كبيرًا، حيث أبدت السلطات الأميركية قلقها بشأن كيفية إدارة الأعداد الهائلة من طلبات التأشيرة. فمن المتوقع التعامل مع مئات الآلاف من الطلبات المتعلقة بالبطولة الحالية، بالإضافة إلى ملايين أخرى خلال الاستعدادات لكأس العالم 2026.

في سياق هذه التحديات، أشار نائب الرئيس الأميركي ج. د. فانس إلى أن الولايات المتحدة ترحب بزوار من أكثر من 100 دولة حول العالم، مؤكداً أنهم مدعوون للاستمتاع بالمباريات والاحتفال بأجواء البطولة. لكنه شدد على أهمية عودة الزوار إلى بلدانهم فور انتهاء الحدث الرياضي، مشيرًا بلهجة حازمة إلى أن من سيختار البقاء دون تصاريح قانونية سيجد نفسه في مواجهة وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم.