
.

في خطوة جريئة، دخل المستثمر الأميركي بن هاربورغ عالم كرة القدم السعودية ليعيد تعريف مفهوم الاستثمار الرياضي.



في خطوة جريئة، دخل المستثمر الأميركي بن هاربورغ عالم كرة القدم السعودية ليعيد تعريف مفهوم الاستثمار الرياضي.
ففي يوم الرابع والعشرين من يوليو الماضي، أعلنت وزارة الرياضة استحواذه الكامل على نادي الخلود، ليصبح أول مالك أجنبي يمتلك نادياً سعوديًا بنسبة 100%. بهذا الانتقال النوعي، بدأ هاربورغ بتوضيح رؤيته المستقبلية خلال حوار مطوّل جمعه مع صحيفة "الشرق الأوسط"، حيث كشف عن خططه الطموحة، وأعاد صياغة الصورة التي يريد أن يُظهر بها النادي للمنطقة وللعالم.
هاربورغ لا يرى الخلود مجرد فريق كرة قدم، بل يعتبره مشروعاً لتحويل المواهب السعودية إلى نجوم عالميين يستحقون الإضاءة في الملاعب العالمية. كل خطوة مدروسة بعناية في هذا الاستثمار الجديد، الذي يرى أنه لا يتعلق بالعائدات المالية فقط، بل يتخطاها ليصل إلى إسعاد الجماهير وترسيخ الشغف بكرة القدم. بالنسبة لهاربورغ، الجماهير هم القلب النابض لأي نادٍ رياضي. فبدون جمهور يشعر بالفرح والحزن مع الفريق، يفقد النادي معناه.
ما جذب هاربورغ للنادي لم يكن مجرد موقعه الجغرافي الاستراتيجي في قلب القصيم أو مرونة جمهوره تجاه تغييرات الهوية البصرية، بل أيضًا القدرة على تجربة أفكار جديدة دون ضغط تاريخ البطولات. فهو يرى في الخلود فرصة نادرة لبناء فريق من الصفر قادر على تطوير نفسه والبقاء بعيدًا عن المقارنة الثقيلة مع تاريخ الأندية الكبرى.
عندما سُئل عن تغيير اسم النادي إلى "الرس"، أكد هاربورغ أن الفكرة مطروحة لكنها ليست ضمن أولوياته الحالية. يرى أن اسم "الخلود" يحمل قيمة فريدة، لكنه يقر أيضًا بأن اسمًا مرتبطًا جغرافيًا قد يكون أكثر جذبًا للجمهور المحلي. أما بالنسبة لاحتمالية نقل موقع النادي إلى الرياض، فقد كان جوابه قاطعًا: سيظل الخلود في موطنه بالرس. ومع ذلك، يقر بوجود تحديات تتعلق بجودة الحياة والخيارات الترفيهية في المنطقة مما يُصعّب جذب اللاعبين للمحافظة.
وفيما يتعلق بالمرافق الرياضية، يعترف هاربورغ أن مستوى ملعب النادي الحالي دون الطموح المطلوب، ليس فقط مقارنة بملاعب الدوري السعودي للمحترفين ولكن حتى ببعض ملاعب الدرجتين الثانية والثالثة. الحل؟ إعادة بناء الملعب بالكامل لتلبية المعايير الاحترافية وخلق بيئة مريحة للاعبين. هنا يظهر جانب آخر لاستراتيجية هاربورغ التي تركز على الاستثمار طويل الأمد وليس الحلول المؤقتة.
الاستثمار في الرياضات الأخرى بجانب كرة القدم موجود ضمن رؤيته المستقبلية، لكنه يعتمد على دراسة متأنية لتفضيلات أبناء المنطقة وقدرتهم على التميز. خطوة ملموسة قادمة تتمثل في إطلاق فريق كرة القدم النسائي تحت اسم الخلود قريبًا مع استكشاف إمكانات التوسع لرياضات فردية مثل التنس أو القفز المظلي.
حين نأتي للتفاصيل المالية، يوضح هاربورغ أن صفقة الاستحواذ شملت العلامة التجارية فقط، وهو نموذج يشبه تجربته السابقة مع نادي قادش الإسباني. فيما يتعلق بالديون التي كان يعاني منها النادي، سددها بالكامل لضمان استقرار الفريق وإعادة بناء الثقة داخله ومساعدته على تجاوز الأزمات التي أعاقت تسجيل لاعبين جدد وحالة الإحباط التي لحقت ببعض اللاعبين والمدربين.
بنهاية الحوار، تتضح الصورة الحقيقية لرؤية بن هاربورغ: صناعة مستقبل لا يقتصر فقط على النادي بل يمتد ليضع بصمة على كرة القدم السعودية ومنطقتها بالكامل. مشروعه ليس مجرد استثمار مالي تقليدي؛ إنه رؤية شاملة تتحدى الوضع الراهن وتضع نصب عينها تحويل الخلود إلى أيقونة رياضية تعكس قيمة الابتكار والشغف.