
.

أسطورة الرقم 10: من صدفة عابرة إلى إرث تاريخي أبهر العالم



كان فينيسيوس جونيور، نجم ريال مدريد الموهوب، يرتدي الرقم 10 مع المنتخب البرازيلي في عدة مناسبات، خصوصًا في غياب نيمار. وفي ليلة ساحرة، سجل هدفًا حاسمًا أمام باراغواي في تصفيات مونديال 2026، ليقود السيليساو نحو التأهل الرسمي ويُعيد لنا ذكريات هذا الرقم الأسطوري الذي أصبح جزءًا من تاريخ كرة القدم البرازيلية.
الرقم 10 ليس مجرد قميص في البرازيل؛ إنه رمز يحمل عبق أعظم نجوم الكرة في التاريخ. لذلك، عندما حصل لوكاس باكيتا على هذا الرقم في مباراة ودية ضد الأرجنتين عام 2019، أثار ذلك جدلًا كبيرًا. حتى أن ريفالدو، أحد أبطال مونديال 2002، لم يُخفِ استياءه وكتب على إنستغرام: "شعرت بحزن عميق لأن الرقم 10، الذي يحظى بالاحترام في جميع أنحاء العالم، لا يجب أن يكون لمن يجلس على مقاعد البدلاء أو يغادر بين الشوطين".
الرقم الذي وُلد من الصدفة
قبل 67 عامًا، كان الرقم 10 مجرد تفصيل صغير يشير إلى مركز اللاعب على أرض الملعب. لم يكن هناك ما يميز هذا الرقم أو يعطيه أهمية خاصة. ولكن هذه النظرة تغيرت بالكامل مع شاب برازيلي اسمه بيليه، الذي وُضِع هذا القميص على ظهره خلال مونديال السويد 1958، بفضل صدفة إدارية غريبة.
بدأ بيليه مسيرته الرياضية مرتديًا الرقم 8 مع ناديه الأول باورو أتلتيكو وحتى في سانتوس. ولكن حينما أرسلت البرازيل قائمة لاعبيها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم دون تحديد الأرقام، تولى مندوب الفيفا توزيعها، ومنح بيليه، بعمر السابعة عشرة فقط، القميص الأشهر. كما وردت رواية أخرى أن الأرقام كانت تُوزع بناءً على ترتيب حقائب اللاعبين، ليظهر اسم بيليه عاشرًا في القائمة ويحصل بالتالي على الرقم 10.
1958: ولادة أسطورة لا تُنسى
رغم تعدد الروايات، تبقى الحقيقة الأهم أن مونديال السويد كان ميلاد أسطورة الرقم 10. لم يكن بيليه قد شارك في أول مباراتين بالبرازيل أمام النمسا وإنجلترا، لكنه سطع بسرعة في اللقاء الثالث مع تمريرة حاسمة أمام الاتحاد السوفييتي. وتوالت إنجازاته، حيث سجّل هدف الانتصار الوحيد أمام ويلز في ربع النهائي، ثم أبهَر العالم بثلاثية في نصف النهائي ضد فرنسا، واختتم رحلته بثنائية مذهلة في نهائي السويد.
بتألقه اللافت وبراعته التي سحرت الجميع، أصبح الرقم يُمثل النجم الرئيسي للفريق وصانع اللعب الأكثر إبداعًا وتأثيرًا. وبعد اعتزال "الجوهرة السمراء"، بات حمل الرقم 10 تقليداً يُمثل تحديًا كبيرًا لكل من يطمح لأن يُلهم العالم كما فعل أسطورة البرازيل.
إرث مستمر عبر الأجيال
بعد بيليه، ارتدى الرقم 10 عمالقة لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البرازيل الكروي؛ من ريفيلينو إلى زيكو وليوناردو وريفالدو ورونالدينيو وكاكا. وحاليًا يحمله نيمار الذي أضاف فصلًا جديدًا لهذه القصة المذهلة. لكن يبدو أن فينيسيوس جونيور هو الوريث القادم لهذا القميص العظيم، مؤكدًا أن هذه الأسطورة ما زالت تُكتب فصولها بأحرف ذهبية فوق المستطيل الأخضر.
في النهاية، يبقى الرقم 10 أكثر من مجرد رقم، إنه قصة ملهمة عبر الأجيال، رمز للإبداع والعظمة وشاهد على لحظات خالدة صنعت تاريخ كرة القدم.