
.

انسحابات بطولات السوبر، سواء على المستوى العربي أو العالمي



قد أثارت جدلًا واسعًا وخلقت تاريخًا حافلًا بالمواقف المثيرة للجدل، التي تجسد مدى تأثير الظروف الفنية والإدارية وحتى السياسية في قرارات الأندية الرياضية. أحدث هذه الحالات كانت مع فريق الهلال السعودي، الذي قرر الاعتذار عن المشاركة في بطولة السوبر العربي لإتاحة فرصة للاعبيه للحصول على فترة راحة أكبر بعد خوضهم منافسات كأس العالم للأندية. وفقًا لمصادر خاصة، قامت إدارة الهلال بتقديم اعتذار رسمي إلى اتحاد اللعبة معللة سبب انسحابها وفقًا لاستراتيجية تهدف للحفاظ على لياقة اللاعبين وقدرتهم على الأداء بمستوى عالٍ في المستقبل.
إذا ألقينا نظرة على المواقف السابقة، نجد أن القصة بدأت مبكرًا في عام 2001 عندما انسحب النادي الأهلي المصري من بطولة كأس السوبر المحلي، التي كانت مقررة بعد أيام قليلة من مباراة مهمة للفريق في دوري أبطال إفريقيا ضد أسيك أبيدجان الإيفواري. إدارة النادي بررت قرارها آنذاك بالرغبة في تجنب إرهاق اللاعبين، مما أدى إلى مشاركة فريق غزل المحلة في المباراة النهائية أمام الزمالك، حيث تُوِّج الأخير بأول لقب للسوبر في تاريخ الكرة المصرية.
وفي واقعة مشابهة، انسحب الإسماعيلي، بطل الدوري المصري 2002، من النسخة الثانية للبطولة بسبب اعتراضه على إقامة المباراة على ملعب القاهرة الدولي. نتيجة ذلك، أتيحت الفرصة لفريق المقاولون للمشاركة بدلًا منه، ليحقق الزمالك مرة أخرى الانتصار ويضمن اللقب بعد اللعب وقتًا إضافيًا.
أما في السنوات الحديثة، شهد مايو 2023 انسحاب الزمالك من كأس السوبر المصري بعد ما وصفته إدارة النادي بسلسلة من القرارات "المجحفة" من الاتحاد المصري لكرة القدم. كان أبرز أسباب رفض المشاركة حينها يتعلق بقضية محمود كهربا وقيود قيد اللاعبين. بدلًا منه شارك بيراميدز في النهائي ضد الأهلي الذي فاز بهدف دون رد وحصد اللقب.
وفي خطوات مشابهة على المستوى الدولي، انسحب فريق فنربخشة التركي من نهائي كأس السوبر لعام 2024 أمام غالطة سراي بعد دقائق قليلة من انطلاق المباراة. هذا القرار جاء إثر تراكم اعتراضات فنربخشة على اتحاد كرة القدم التركي، إضافة إلى ما وصفته إدارة النادي بالتحيز التحكيمي المستمر طوال الموسم. هذا التصرف دفع الاتحاد التركي إلى تغريم فنربخشة بمبلغ 115 ألف يورو كعقوبة على انسحابه.
أما عربيًا، فقد سجل تاريخ البطولات أيضًا وقائع لانسحابات أثارت استياء الأوساط الرياضية، مثل انسحاب نادي العروبة العُماني من كأس السوبر عام 2015 بسبب عدم حصوله على مستحقاته المالية واستدعاء جزء كبير من لاعبيه للمنتخبات الوطنية. هذا الانسحاب أدى إلى تتويج نادي فنجاء باللقب دون خوض المباراة.
وفي تونس، قرر النادي الإفريقي الغياب عن كأس السوبر عام 2019 بسبب اعتراضه الشديد على طاقم التحكيم وبعض القرارات الإدارية المثيرة للجدل. الاتحاد التونسي حينها اكتفى باستبعاده من المشاركة دون فرض أي عقوبات مالية أو إدارية إضافية.
من خلال هذه الأحداث المتفرقة والمتعددة الأسباب، يتضح أن بطولات السوبر صارت أكثر عرضة للانسحابات والاعتذارات مقارنةً بمنافسات أخرى، خاصة عندما تتداخل اعتبارات فنية مثل إرهاق اللاعبين أو اعتراضات إدارية مع الجوانب السياسية والمالية التي تؤثر بشكل واضح على قرارات الأندية المشاركة. وفي كل مرة تُضاف قصة جديدة إلى سجل الانسحابات، يصبح السؤال الأهم: هل أصبحت هذه البطولات مصدرًا للمشكلات أكثر من كونها فرصة لإبراز قدرات الفرق والتنافس الحقيقي؟