المحكمة الأوروبية للعدل تعيد تشكيل المشهد القانوني الرياضي... وتُقيد نفوذ «محكمة كاس»

المحكمة الأوروبية للعدل تعيد تشكيل المشهد القانوني الرياضي... وتُقيد نفوذ «محكمة كاس»

في تطور يُعتبر تاريخياً، أصدرت المحكمة الأوروبية للعدل حكماً مفصلياً يُمكن الأندية والرياضيين داخل الاتحاد الأوروبي من الطعن القضائي الكامل في قرارات محكمة التحكيم الرياضية (كاس). هذه الخطوة تُعيد صياغة العلاقة بين النظام القضائي الرياضي والمدني في أوروبا، مما يعيد النظر في الدور الذي كانت تلعبه «كاس» كمصدر نهائي للفصل في النزاعات الرياضية.

وفقاً لما أوردته صحيفة «ماركا» الإسبانية، فإن القرار يمثل تحولاً جوهرياً في النظام القانوني الرياضي، حيث سيفرض خضوع قرارات «كاس» للقضاء الوطني وإلزام المؤسسات الرياضية بالتوافق مع القوانين المدنية العامة. بهذا، تخرج اللوائح الرياضية من دائرة الحصانة، لتصبح عُرضة للطعن والمراجعة القضائية، وهو ما يعني تراجع نفوذها كقوانين تُطبّق بشكل تلقائي كما كان سائداً في الماضي.

هذا الحكم قد يُشكل تغييراً تدريجياً في المكانة العليا لمحكمة التحكيم الرياضية، حيث يفتح الباب أمام القضاء المدني ليصبح صاحب الكلمة النهائية عند وقوع تناقضات. كما يُمكن أن يؤدي ذلك إلى فرض مراجعات دقيقة لقرارات «كاس» لضمان توافقها مع النظام القانوني الأوروبي الأوسع.

الحكم القضائي استند إلى ما بات يُعرف بـ«قضية سيرينغ»، حيث واجه نادي بلجيكي عقوبة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسبب تورطه في اتفاقات تتعلق بحقوق اللاعبين الاقتصادية مع طرف ثالث، وهي عقوبة دعمها قرار «كاس». غير أن المحكمة الأوروبية اعتبرت العقوبة غير ملائمة قانونياً، لتعيد التعريف بمعايير التداخل بين النظامين الرياضي والمدني. وقد لعبت مجموعة «دويين» الاستثمارية، المختصة بتمويل عقود اللاعبين، دوراً بارزاً في القضية.

التوصيات التي قدمتها المحامية العامة الأوروبية تمارا كابيتي في يناير الماضي شكّلت الأساس لهذا القرار، والذي أكد على ضرورة فحص قرارات «كاس» تحت العدسات الرياضية والمدنية داخل الاتحاد الأوروبي، للتأكد من توافقها مع النظم القانونية والمصالح العامة لكل دولة.

من جهته، شارك المحامي فرناندو إيرورزون، الشريك في شركة «كليفورد تشانس»، إلى جانب المحامي جان لوي دوبون الذي اشتهر في قضية «بوسمان» التي عزّزت حرية انتقال اللاعبين بين الأندية. كما انضم إليهما المحامي مارتن هيسيل، ليُشكل الفريق القانوني دعماً حاسماً للقضية. هذا القرار لا شك أنه سيُعيد تشكيل مستقبل النزاعات الرياضية على المستوى العالمي، حيث أنهى عملياً الحصانة القانونية التي كانت تتمتع بها الهيئات الرياضية أمام القضاء داخل حدود الاتحاد الأوروبي.