الاتحاد يعود إلى عرشه: قصة موسم ذهبي ترويها الأرقام والانتصارات

في ليلة ساحرة وبحضور جماهيري وصل إلى 18 ألف مشجع، حسم نادي الاتحاد لقب الدوري السعودي للمحترفين لموسم 2024-2025، بعد انتصاره الثمين على الرائد بثلاثة أهداف مقابل هدف، في إطار الجولة 32 من المسابقة. بهذا الفوز، رفع العميد رصيده إلى 77 نقطة، مؤمّناً تتويجه الرسمي قبل نهاية البطولة بجولتين، ومعلناً استعادته اللقب للمرة الرابعة عشرة في تاريخه.

الطريق إلى التتويج لم يكن عادياً؛ فقد استطاع الاتحاد بقيادة المدرب الفرنسي لوران بلان أن يقلب الطاولة على منافسين متعددين، متسلحاً بما يُعرف بـ"اللحظات الحاسمة". ومن أبرز هذه اللحظات كان تسجيل الفريق لـ12 هدفاً في أوقات قاتلة بعد الدقيقة 90، محققاً بها ما يعادل 30 نقطة ثمينة. تلك الأهداف لم تكن مجرد اجتهاد فردي، بل عكست ثقافة قتالية وروحاً لا تستسلم حتى الرمق الأخير.

نجوم الموسم: القوة الهجومية تتحدث

حقق الاتحاد طفرة في الجانب الهجومي هذا الموسم، مسجلاً 72 هدفاً كان نصيب الأسد منها للنجم الفرنسي كريم بنزيمة بـ21 هدفاً، يليه الجزائري حسام عوار بـ12 هدفاً، ثم الهولندي ستيفن بيرجوين بـ10 أهداف. أما عبد الرحمن العبود، فقد سجّل 6 أهداف، ليبرز كأحد أهم صانعي الفارق داخل التشكيلة.

وعلى الرغم من التميّز الهجومي، لم يكن الحال كذلك دفاعياً مقارنة بما قدمه الفريق في المواسم الماضية. في الموسم الحالي، استقبلت شباك الاتحاد 32 هدفاً، مقارنة بـ13 هدفاً فقط استقبلها الفريق عندما توّج بلقب موسم 2022-2023. ومع ذلك، تمكن الاتحاد من تحقيق 8 مباريات بشباك نظيفة تحت قيادة لوران بلان، مما أضاف بعض التوازن لاستراتيجيته الهجومية الكاسحة.

استراتيجيات متباينة بين الماضي والحاضر

شهد الاتحاد تحولاً ملحوظاً في فلسفته بين موسمي التتويج الأخيرين. ففي موسم سانتو 2022-2023، تميز الفريق بصبغة دفاعية واضحة واكتفى بتسجيل 60 هدفاً. أما مع بلان هذا الموسم، فتم التركيز بشكل أكبر على الاستحواذ والهجوم، حيث وصل معدل السيطرة على الكرة إلى 59% مقارنة بـ51% فقط في موسم سانتو. هذا التحول يعكس توجه النادي نحو أسلوب أكثر شراسة واستباقية داخل الملعب.

قرار صائب ورؤية واضحة

تميز هذا الموسم بحس القيادة الواضح من مجلس إدارة النادي، الذي قرر مسبقاً التركيز بشكل كامل على الأهداف الكبرى. وقد جاء هذا القرار بعد اعتذار الاتحاد عن المشاركة في بطولة كأس الخليج للأندية، وذلك لإفراد جل التركيز للدوري وكأس الملك. ورغم المخاطرة التي قد تحملها مثل هذه القرارات، نجح الاتحاد في تحقيق مراده بأداء استثنائي واستراتيجية محكمة.

بتتويجه باللقب الـ14، قلص الاتحاد الفارق مع الهلال متصدر القائمة التاريخية للبطولة بـ21 لقباً. ويعد هذا الإنجاز هو اللقب الثالث للفريق في عهد دوري المحترفين الذي انطلق موسم 2008-2009. بعد سنوات عجاف وأوقات عصيبة عاشها النادي، استطاع أن ينهض من جديد ويثبت للجميع أن العميد لا يغيب عن منصة التتويج طويلاً.

الجماهير: القلب النابض للاتحاد

لا يمكن الحديث عن نجاحات الاتحاد دون الإشارة إلى جماهيره الوفية التي رافقته طوال الموسم دعماً وتحفيزاً. فقد أثبتت تلك الجماهير أنها شريك أساسي في صناعة الإنجازات، مقدمةً مثالاً حيّاً على الروح الاتحادية التي لا تنكسر.

بكل المقاييس، كان الموسم الاتحادي للذكرى. موسم يُدرس فيه معنى التخطيط والرؤية الواضحة التي تُترجم إلى ألقاب وإنجازات. ومع الأداء اللافت للفريق هذا العام، يبدو أن المستقبل يبشّر بالمزيد من المجد والذهب لجماهير العميد الوفية.