افتتاح كأس العرب 2025: ليلة استثنائية تحمل عبق التراث والآفاق العالمية من قلب الدوحة

افتتاح كأس العرب 2025: ليلة استثنائية تحمل عبق التراث والآفاق العالمية من قلب الدوحة

في ليلة غلب عليها الإبداع العربي بطاقة استثنائية، نجحت قطر في خطف الأضواء من المحيط إلى الخليج بافتتاح مهيب للنسخة الحادية عشرة من كأس العرب 2025. الحدث الذي نُظم على أرضية استاد البيت المذهل في مدينة الخور، حمل في طياته مزيجًا ساحرًا من الفنون البصرية والرمزية العميقة والمشاهد الدراماتيكية، مقدماً للجماهير لوحة فنية لا تُنسى، وسط حضور جماهيري تجاوز 60 ألف متفرج بالإضافة إلى رموز عالمية من الوسطين الرياضي والسياسي.

الحفل لم يكن فقط استعراضًا رياضيًا، بل توج برسائل تدعو للوحدة والسلام تحت راية عربية جامعة. وكان حضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جياني إنفانتينو وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني دلالة قوية على أهمية الحدث، ورسالة واضحة بضرورة ترسيخ قيم التضامن في زمن التحديات.

العرض الافتتاحي انطلق بلوحة فنية بعنوان "حيث انطلقت الحكاية"، قصة جمعت بين أصالة الماضي ورؤية الحاضر والمستقبل. صُورت فيها رحلة تجمع القبائل، تأسيس البيت العربي المشترك، والتحول إلى منارة ثقافية تعبر كل الأزمنة. مضمون اللوحة كان بمثابة تذكير قوي بتجديد الهوية المشتركة للسعي نحو مستقبل أفضل للدول العربية.

وبأسلوب درامي مؤثر، أبهر الفنان السوري رشيد عساف الجمهور بدور حكواتي جمع بين كلمات مليئة بالحنين والحكمة، لينقل الحاضرين إلى قضايا العرب المستمرة التي تتجدد عبر الزمن. وأبرز ما أثار حماسة الجمهور هو التركيز الواضح على القضية الفلسطينية؛ إذ شغل المسجد الأقصى مركز الصدارة بحضوره الرمزي عبر مجسم رائع، أُحاطت به لوحات فنية تعرض صمود الفلسطينيين وكفاحهم.

لحظة أخرى خطفت الأنظار جاءت مع ظهور النجم العالمي جيرمي آيرونز في مشهد يرمز لامتداد الرسالة العربية نحو العالمية. حضوره أضاف بُعداً خاصًا من الرمزية الكونية التي تعكس القيم الإنسانية المشتركة.

تميّز الحفل بدمج مذهل بين موروث الثقافة العربية وتقنيات التكنولوجيا الحديثة؛ حيث شكّلت الطائرات المسيّرة لوحات ضوئية في سماء استاد البيت، واستعرضت تقنيات المؤثرات البصرية ثلاثية الأبعاد بدقة سينمائية مذهلة من إنتاج استوديوهات كتارا، في وقت كانت فيه الألعاب النارية تملأ الأجواء بإبهار نابض الاحتفال الرسمي بالبطولة. أضفى الأداء الموسيقي لأوركسترا قطر الفلهارمونية نغمة عاطفية مميزة لهذه الليلة التاريخية، بمصاحبة مقطوعات موسيقية أصيلة أُنتجت خصيصاً لهذا الحدث.

الجماهير العربية ترنمت بأناشيد وطنية لمجموعة من أبرز الفنانين، أمثال محمد فضل شاكر، حيث شهد الملعب تناغمًا فريدًا بين الجموع وهم يرددون النشيد القطري "قسماً بمن رفع السماء"، وصولاً للأغنية الختامية "قطر ستبقى حرة تسمو بروح الأوفياء".

كما زُيّن برنامج الحفل بتقديم الأغنيتين الرسميتين للبطولة: أغنية "مكاني" بصوت الفنان المصري الكبير محمد منير والتي جسدت معنى الانتماء والهوية، و"زماني" التي قدمها الفنان القطري حمد الخزينة بروح متجددة تدعو لانطلاقة نابضة بالأمل والتجديد. لم يكن ذلك مجرد أداء موسيقي، بل انعكاس لروح عربية مُتماسكة ضجّت بالحياة في المدرجات.

من المتوقع أن تستمر البطولة حتى 18 ديسمبر وسط أجواء نابضة بالحماس والإقبال الكبير من الجماهير. بمشاركة 16 فريقًا عربيًا، تسعى قطر لاستكمال سلسلة نجاحاتها في تنظيم البطولات العالمية بعد أن أثبتت قدراتها الفائقة مؤخراً أثناء استضافتها كأس العالم تحت 17 عاماً.

الاربعاء: 26 نوفمبر2025